المصروفات والإيرادات المقدمة والمستحقة:

تُعد المصروفات والإيرادات المقدمة والمستحقة من المفاهيم الأساسية في علم المحاسبة، وهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمبدأ الاستحقاق المحاسبي. إذ إن إتقان هذه المفاهيم يُعد شرطًا مهمًا لإعداد القوائم المالية بصورة صحيحة تعكس الأداء الحقيقي للمنشأة خلال فترة مالية محددة.

أولًا: مبدأ الاستحقاق المحاسبي

ينص مبدأ الاستحقاق على أن:

"يجب تسجيل الإيرادات والمصروفات في الفترة المالية التي تخصها، بغض النظر عن توقيت التحصيل أو الدفع الفعلي."

هذا يعني أن المحاسب لا يعتمد فقط على العمليات النقدية (الدفع أو التحصيل) لتحديد الإيرادات أو المصروفات، بل عليه أن يُحمّل كل فترة مالية بما يخصها من تكاليف أو إيرادات سواء تم دفعها أو تحصيلها فعليًا أم لا.

 ثانيًا: أنواع المصروفات والإيرادات

تنقسم المصروفات والإيرادات، وفقًا لتوقيت الاعتراف بها، إلى أربعة أنواع:

1.   المصروفات المقدمة

2.   المصروفات المستحقة

3.   الإيرادات المقدمة

4.   الإيرادات المستحقة

سنتناول كل نوع منها بالشرح والتوضيح مع أمثلة عملية وقيود محاسبية.

 أ – المصروفات المقدمة

تعريف المصروفات المقدمة:

هي مصروفات تم دفعها خلال الفترة المالية الحالية، لكنها تخص فترة مالية مستقبلية، وبالتالي لا يجب تحميل الفترة الحالية بها كاملة. بل تُسجل على أنها أصل (أي حق للمنشأة) في الميزانية، ويطلق عليها "مصروف مدفوع مقدمًا".

أمثلة:

  • إيجار مكتب مدفوع مقدمًا لعدة أشهر قادمة.
  • أقساط تأمين تم دفعها مقدماً عن السنة المقبلة.

مثال توضيحي:

في 1 يوليو 2024، دفعت إحدى المنشآت مبلغ 12,000 ريال إيجارًا سنويًا. الإيجار الشهري هو 1,000 ريال، أي أن نصف المبلغ (6,000 ريال) يخص الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2024، والنصف الآخر يخص الفترة من يناير إلى يونيو 2025.

المعالجة المحاسبية:

1.   عند الدفع في 1/7/2024:

من حـ/ الإيجار 12,000 

إلى حـ/ الخزينة 12,000

2.   عند إعداد القوائم في 31/12/2024:

ترحيل الجزء غير المستحق إلى حساب "مصروف مدفوع مقدمًا":

من حـ/ المصروفات المدفوعة مقدمًا (إيجار مقدم) 6,000 

إلى حـ/ الإيجار 6,000

3.   عند بدء السنة الجديدة 1/1/2025:

إعادة تحميل الجزء المؤجل على الفترة الجديدة:

من حـ/ الإيجار 6,000 

إلى حـ/ المصروفات المدفوعة مقدمًا 6,000

ب – المصروفات المستحقة

تعريف المصروفات المستحقة:

هي مصروفات تخص الفترة المالية الحالية ولكن لم يتم دفعها حتى نهاية تلك الفترة. ولذلك تُسجل كمصروف في قائمة الدخل، وفي الوقت ذاته تُظهر كالتزام على المنشأة في الميزانية تحت بند "مصروفات مستحقة".

أمثلة:

  • أجور أو رواتب لم تُدفع حتى نهاية السنة.
  • فواتير كهرباء أو مياه لم تُسدَّد.

مثال توضيحي:

في 31 ديسمبر 2024، كانت هناك مصروفات مستحقة قيمتها 15,000 ريال، وتم دفعها لاحقًا في بداية عام 2025.

المعالجة المحاسبية:

1.   إثبات المصروف في 31/12/2024:

من حـ/ المصروف (مثل: رواتب) 15,000 

إلى حـ/ المصروفات المستحقة 15,000

2.   عند السداد في عام 2025:

من حـ/ المصروفات المستحقة 15,000 

إلى حـ/ الخزينة 15,000

 جـ – الإيرادات المقدمة

تعريف الإيرادات المقدمة:

هي إيرادات تم تحصيلها خلال الفترة المالية الحالية، لكنها تخص فترة مالية لاحقة. وبالتالي لا يجب الاعتراف بها كإيراد حقيقي في الفترة الحالية. وتُسجل كالتزام على المنشأة في الميزانية تحت بند "إيرادات محصلة مقدمًا".

أمثلة:

  • اشتراك خدمات محصل عن سنة كاملة مقدمًا.
  • إيجار عقار تم تحصيله عن أشهر قادمة.

مثال توضيحي:

في 30 يونيو 2024، تسلّمت منشأة مبلغ 14,000 ريال كإيرادات، بينما يخص الفترة المالية الحالية فقط 7,000 ريال.

المعالجة المحاسبية:

1.   عند الاستلام في 2024:

من حـ/ الخزينة 14,000 

إلى حـ/ الإيرادات 14,000

2.   في نهاية العام 31/12/2024:

ترحيل الجزء غير المستحق:

من حـ/ الإيرادات 7,000 

إلى حـ/ الإيرادات المحصلة مقدمًا 7,000

3.   في 1/1/2025:

إعادة تحميل الإيراد على السنة الجديدة:

من حـ/ الإيرادات المحصلة مقدمًا 7,000 

إلى حـ/ الإيرادات 7,000

 د – الإيرادات المستحقة

تعريف الإيرادات المستحقة:

هي إيرادات تخص الفترة المالية الحالية، لكنها لم تُحصَّل بعد. يجب تسجيلها في قائمة الدخل كإيراد، وتُظهر كأصل في الميزانية تحت بند "إيرادات مستحقة".

أمثلة:

  • فوائد بنكية مستحقة لم تُحصَّل.
  • خدمات قُدمت ولم تُحصّل قيمتها بعد.

مثال توضيحي:

كان لدى منشأة إيرادات مستحقة لم تُحصّل حتى نهاية 2024 بقيمة 15,000 ريال، وتم تحصيلها في يناير 2025.

المعالجة المحاسبية:

1.   في 31/12/2024:

من حـ/ الإيرادات المستحقة 15,000 

إلى حـ/ الإيرادات 15,000

2.   عند التحصيل في 2025:

من حـ/ الخزينة 15,000 

إلى حـ/ الإيرادات المستحقة 15,000

 إن فهم المصروفات والإيرادات المقدمة والمستحقة يُعد أمرًا ضروريًا لأي محاسب، لأنه يساهم في إعداد القوائم المالية بدقة تعكس الأداء الحقيقي للمنشأة. ويُظهر مدى التزام المنشأة بمبدأ الاستحقاق، ويمنع التلاعب في النتائج المالية سواء بتقديم أرباح غير مستحقة أو تأخير الاعتراف بالخسائر.

من خلال إتقان القيود المحاسبية المرتبطة بهذه البنود، يصبح بإمكان المحاسب أن يعزز من موثوقية وشفافية البيانات المالية، ويضمن التوافق مع معايير المحاسبة المعتمدة محليًا ودوليًا.